لطالما بحثت عن حب..

شيماء سالم- تونس

وحدها باحثة عن وجه، تمضي في شوارع المدينة العمياء ،حيث لا وجوه لا شفاه لا أحد حيث لا برق يضرب حديد القلوب ، لا زجاج يجرح الأرجل المشتاقة للدماء، وحدها تمضي هي روحها ، هي وحدها . لديها بيت كبير بغرف كثيرة وأحلام تتراقص بين صفحات الكتب الممزقة ، ولعبة موسيقية ترقص بنعومة . لم يسألها أحد عن حزنها وشقائها يوماً ، بعد كل هذا لن تحب أي شيء لن تحب العلم ولا الفراغات الكبيرة ، لكنها ستعشق الرقص الكلاسيكي ، وتحب الأيام القادمة كي يبدو العالم كبيراً وشاسعاً كقبلة. أرادت أن تنثر رماد الماضي، كي تعود طائر شارد تطير وتحط كيفما تشاء ، حتى تحتفل بالحياة على طريقتها. لا تريد أن تعرف الحساب والعدّ ، لا تريد رجلاً وسيماً ، ولا أصحاب من ذوي الكلمات المنمقة ، بل أرادت أن تظل هكذا وجهاً كحبة طماطم تزن ألف كيلو . لطالما كانت تنام الأشياء وتسبح الحياة ، وتغلق عيناها فينتصب جسدها ، فعلمت أن غيابهُ أبدياً وبأنه لن يأتي .هي مدينتهم الوحيدة التي قضوا فيها ليلتهم الأولى ، لكن سقوط المطر ضللهم وأنساهم الطريق . باتت لا تريد سوى الإستيقاظ من سباتها حتى تتوقف عن الدوران ، ينساب منها الجمال فهي ثلاثة أقمار ولكن زاوية منها متعبة ، فيها غطاء أسود فاحم ودمعتان مرهقتان ، لطالما انتظرت طويلاً وتمنت أن تكون الصمت . حاولت أن تستمتع بإشتهاءاتها بلا مخرج ، وأن تقف في العتمة فتشعر بأن هناك شيء ما يناديها . تمنته لها ، لها وحدها مثل قوس المصير ، مثل زهرة بيضاء وبوابة تفتح ذراعيها للعائدين من أسفارهم الطويلة ، وتنغلق عندما تتعب فمن السهل أن نتوه في الحياة ولكن أن نجد قلباً يرشدنا ذاك هو السؤال .